ملحمة ابن النيل
الرئيس محمد نجيب
////// 3 ///////
ــــــــــــــــــــــــــــ
ابن مصر
الرئيس محمد نجيب
الحلقة الثالثة
&& المصدر الرئيس لملحمتي كتاب كنت رئيساً للجمهورية // مذكرات الرئيس الراحل محمد نجيب .
الناشر // المكتب المصري الحديث // القاهرة .
طبعة 1984 م .
بالإضافة إلي مصادر أخرى متعددة من الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) وكذلك الصور التوضيحية من صديقنا العزيز جوجل .
و يا رب تفهموا أن تلك ملحمة تاريخية وليست سياسية !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غمّض عينيك ...
وأحلم معايا ..
مصر أمك ...
جنتها آية ..
تعالوا نحلم ..
بأمنا ...
نسمع سوا ...
أصل الحكاية ...
حضارتها كانت
فرعون .. وشاطر
بنى أخرامات ..
شيّد قناطر
ولا عمره خاف
من المخاطر
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمس ومينا ...
خفرع و منقرع ..
وخامسهم خوفوا
اجتمعوا عشان..
يشوفوا ...
أحوال بلادنا ..
وشئون عبادنا
وأعادي بتهدد..
حدودنا ...
أحمس تقدم ..
الصفوف ..
ولا همه من
هكسوس ألوف
هجم عليهم ..
هجوم مضاد
ومعاه مصريين..
شداد ..
خلّا الأعادي يبعدوا ...
يتشردوا ..
في كل واد ..
ومينا نادى باتحاد
لملم ولاده في البلاد
ووّحد القطرين بفكره ..
الخير معاه ...
غطّى وزاد
وأخواته خفرع
ومنقرع
بنوا أهرامات ...
وشيّدوا ...
في معابدهم ...
جدّدوا ....
كان فكرهم ..
دي مقبرة ..
تلمهم تحت الثري
أديها صارت معجزة ..
يتحدثوا بيها الورى !
وخوفوا قام من دهشته ..
صرخ ونادى ..
بني جلدته ...
قال لهم : فين قبري ..
فين ....؟!!
الله يجازيكم ...
مفضوحين ..
قالوا سامحنا عمنا ..
اطلب وإحنا منصتين
عدى النيل بمراكبه ..
راح أسوان ...
والهّم راكبه ..
قلّع حجارة كبيرة ..
والعمال كانوا ...
في حيرة ..!!
قالوا عمنا خوفو ..
قرر يكتب ...
نهايته ومصيره !
بدأ البناء يعلي ويعلي ..
وزاد عن أهرامات...
شقايقه ..
خفرع ومنقرع ..
قالوا خوفو ...
دا أخونا ...
مش ممكن ...
أبداً نضايقه ..
نفديه بأرواحنا ..
نصونه ...
ونروي بعرقنا ...
حدايقه ...!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
كبرت مصر الفرعونية
بحضارة قديمة أزلية
علّمت الدنيا ...
صناعتها ...
بحرفيين وصنايعية
ودخل الإسلام ..
مصر بنوره
وقرآن ربي ..
ودستوره ..
وسُنة نبينا المختار
المصريين ...
رحّبوا بحضوره
صارت مصر إسلامية ...
بعد ما كانت فرعونية
حافظت علي آثار جدودنا
جوا متاحف تاريخية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودخلنا عصر المماليك..
وحكمنا شوية صعاليك !
يتآمروا علي بعض ...
بحب ...!
ويقولوا عفواً معاليك !!
وبدأ عصر الأتراك ...
اللي كلامهم ..
سوس ،، خرسيس
حكمونا بالدم الأزرق ...
وأصل واطي وخسيس !
كان سلطانهم ....
في اسطنبول ..
عايش دنيته تخبيص !
عاشت أم الدنيا حزينة
سنوات وقرون ...
مسكينة ..!
يحكمها أتراك ملاعين ..
ذبحوها من غير سكينة !!
ذبحوها من غير سكينة !!!
ذبحوها من غير سكينة !!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم عاشت أم الدنيا في ظل الأتراك الملاعين عصور من التخلف والجهل والظلام والظلم !
هذا هو قدر شعبنا المسكين أن يعيش في معاناة وذُل واستعباد مدي الدهر !
وشاءت إرادة الله أن يقوم الضباط الأحرار بالثورة علي الحاكم التركي الفاسد ويطردوه ليموت غريبا في منفاه !
وسوف نعرف من رئيسنا العظيم محمد نجيب كل شيء عن ثورة يوليو ، كيف قامت ؟ من خطط لها ؟
ثم كيف انقلب الضباط الأحرار علي أنفسهم ودخلوا في صراع مرير علي السلطة ، وكانت مصر هي الضحية !!
وما زالت مصر إلي اليوم هي الضحية !!!!
نعود الي مذكرات الرئيس محمد نجيب وكتابه النادر ( كنت رئيساً لمصر ) ......
يقول ابن النيل ......
بعد موقعة الحفير بدنقلة ، سنة 1898 ، تزوج أبي يوسف نجيب بسيدة سودانية من قبيلة الشايقية ، اسمها سيده محمد حمزة الشريف ، وأنجب منها نمرة واحد ، ابنه الأكبر عباس ، ثم طلّقها .
بعد الطلاق أرسل والدي ابنه عباس إلي النحارية ليشتغل في الزراعة ، لكنه لم يعش طويلاً ، وإن كان أولاده وأحفاده
يعيشون هناك إلي الآن .
بعد استرجاع السودان ، استقرت أحوال يوسف نجيب ؛ فقرر الزواج مرة أخرى .
سمع عن أسرة المرحوم محمد عثمان في أم درمان ، وشجعه البعض علي الزواج من ابنته زهرة ، فلم يكذب خبراً ، وراح يلف وهو علي ظهر جواده حول البيت لعله يراها ، وعندما طلب ماء صرخت فيه الأم ... ماذا تريد بالضبط ؟!
لم يرد ، فإذا بها تسكب الماء علي رأسه بدلاً من أن يشربه !
وقالت له ... لعلك تفيق ّ
لكنه لم يستسلم ، وعاد يطرق الباب .. وقبل أن تغلظ له القول ، قال لها : ـــ أريد أن أتزوج ابنتك .
فإذا بها تصفع الباب في وجهه ، وتقول له ....
ــ ليس بهذه الطريقة تزوج العائلات المحترمة بناتها ، إن للبنت رجالاً يجب أن تتكلم معهم ، فقال ...
ـــ أنا اعرف ان ابن عمتها عبد الله حسن كان وكيل مديرية الخرطوم ، لكنه مات ولا اعرف لها أقارب آخرين !
قالت : أن ابني ضابط مثلك في الجيش واسمه عبد الوهاب محمد عثمان ، اسأل عليه ..
قال : .. مش معقول ... عبد الوهاب !
ــ إنه صديقي جداً .
ــ إذن اكتب له ، وإذا وافق ، تزوج .
وكتب يوسف نجيب لعبد الوهاب عثمان خطاباً يطلب فيه الزواج من أخته زهرة ، ووافق عبد الوهاب ، وحضر الزفاف
بنفسه .
كان زواج أبي سنة 1900 ، وأنجب ثلاثة أبناء أنا أكبرهم ، والثاني علي نجيب الذي كان ضابطاً بالجيش المصري حتي يوليو 1952 ، ثم سفيراً لمصر في سوريا ، والأخير هو الدكتور محمود نجيب ، وأنجب أيضا ست بنات هن : دولت ــ زكية ــ سنية ــ حميدة ـــ نعمت ـــ نجية .
في السودان حيث عاش والدي من يوم وصلها حتي مات وُلدت وتفتحت عيناي وعشت سنوات طفولتي وصباي .
كان بيتنا بالقرب من الجامع العتيق في الخرطوم ، كان منزلاً متواضعاً ، مكوناً من أربع حجرات وأصبح فيما بعد نادياً للموظفين المصريين ، ثم بيع للكونت ميخالوس عام 1935 بعد الأحداث التي وقعت هذا العام بناحية ساقية أبو معلا .
في هذا البيت وُلدت ، وقبل أن أبلغ الثالثة من عمري ، انتقل والدي الملازم أول يوسف نجيب ونحن معه إلي وادي حلفا ، حيث عُين مأموراً لسجنها الحربي ، ومن حلفا إلي واد مدني مأموراً لسجنها الحربي هناك أيضا .
في واد مدني دخلت كُتّابها الصغير ، والكُتّاب يسمي في السودان بالخلوة والتلاميذ يُسمون بالحيران ، والكتاب مثل أي كتاب في مصر ، يقوم بتحفيظ القرآن الكريم ، وتعليم أصول القرآن والكتابة ، ويشرف عليه عرّيف يدفع له الأهالي راتباً منتظماً ، وعندما يتم جزءاً من القرآن يأخذ مقابلاً يُسمي حق الشرافة .
كل يوم أربعاء ، قبل أن نودع شيخنا ، كنا نأكل معه الذرة
المسلوقة ، ونأخذ شيئاً منها إلي بيوتنا للتبرك ، وكانت هذه العادة تُعرف بكرامة الأربعاء .
ومن واد مدني ، انتقل أبي إلي بلدة سنجا ومنها إلي أبو نعامة بمديرية سنار ثم إلي دلفو بمديرية حلفا .
هذه المناطق لم يكن بها مدارس ، وكان علي أبي أن يعمل كمأمور لها في الصباح ، وكمدرس لنا في المساء ، وكثيرا ما شجعني علي استذكار دروسي بمكافآت سخية في صورة هدايا ، ساعة يد .. أكورديون .. بندقية صيد ، شيء من هذا القبيل .
في عام 1908 انتقل أبي إلي وادي حلفا وعًين مأموراً بها واستقرت أسرتنا فيها حوالي خمس سنوات .
في ذلك العام بدأت دراستي النظامية في مدرسة حلفا الابتدائية ، وهي من أوائل المدارس التي أقامتها الحكومة المصرية لتعليم أبناء المصريين الذين يخدمون في السودان .
واعترف إنني وأنا تلميذ في المدرسة الابتدائية ، لم أكن متفوقاً في دراستي ، في السنة الأولي كان ترتيبي السادس عشر ، وفي السنة الثانية كان ترتيبي الخامس عشر ، وفي السنة الثالثة رسبت !
ولعل السبب في ذلك هو عدم الاستقرار الذي كنا نشعر به ، لترحال أبي المستمر في أرجاء السودان ، ولعل السبب الآخر والأهم هو أنني كنت أفضل عن الدراسة ، حفر الخنادق والاستحكامات ، والتشبه بالجنود والضباط .
كانت جدتي تقص عليّ جزءاً من تاريخ جدي ، وجزءاً من
كفاحها من اجل أسرتها بعد استشهاد جدي ، وجزءاً من كفاح خالي الذي سافر إلي مصر علي قدميهّ !
ومن بين كل الشخصيات التي كانت تحكي عنها ، كانت تبهرني شخصية خالي عبد الوهاب ، كنت أحلم أن أكون مثله وأن أهرب مثله في درب الأربعين إلي القاهرة .
كنت أحبه جداً ، ولكن جاء الموت ليخطفه علي جواده الأسود !
في عام 1910 كان مأموراً وحضر إلي حلفا مريضاً بحمي الكالازار وسرعان ما توفي ودُفن فيها .
وبكيت عليه كما لم أبك من قبل .
اعتصر الحزن قلبي عليه ، وما كادت الدموع تجف في بيتنا ، وما كادت الأحزان تغرب عنا حتي وقعت فاجعة أشد !
مات أبي ..... كان في مأمورية بأحدي ضواحي واد مدني ، واضطر أن يقطع مسافة أربعين ميلاً علي ظهر جواده ، فأُصيب بالتهاب في الزائدة الدودية ، فنُقل إلي المستشفي بالخرطوم لإجراء جراحة سريعة له ، لكن ... كان الموت أسرع من الأطباء !
كان ذلك في يونيه سنة 1914 ، كان عمره 43 سنة ، وكان برتبة يوزباشي .
ترك أبي أسرتنا المكونة من عشرة أفراد ، دون أن يترك إلا 196 جنيهاً، مكافأة خدمته ، وجنيهين و30 مليماً كمعاش شهري ، وسبعة جنيهات ونصف إيجار منزلنا المؤجر كنادي للموظفين .
وكان أبي قد ورث عن جدي ثمانية فدادين ، اشترى عليها أربعة أخري ، فأصبح مجموع ثروته من الأرض نحو اثني عشر فداناً ، وكان من الطبيعي أن تساعدنا هذه الأفدنة علي تحمل نفقات الحياة من بعده ، إلا أن عمي وضع يده عليها ، وأصرّ علي أنها من حقه ، لأنه كما قال ، قد سلّف والدنا ألف جنيه ، لم يردها له قبل رحيله !
وقال أن سيأخذ الأرض إلي أن نسدد له الألف جنيه ، وكان مستحيلاً أن ندفع له ما يطلبه !
لأن دخلنا لم يكن يكفينا أصلاً .
أحسست بالمسئولية قبل الأوان ، لكن ما باليد حيلة ، لم يكن أمامي سوي الاجتهاد في دراستي بكلية غوردون .
وكلية غوردون اُفتتحت عام 1903 بعد أن جُمعت لإنشائها تبرعات في لندن والقاهرة ، بلغن نحو 130 ألف جنيه ، وكان كل من يشرف عليها من الإنجليز ، ويشجعون دخول السدوانيين فيها، ويمنعون دخول المصريين ، وكان دخولي فيها استثناء لأن والدي كان من موظفي الحكومة السودانية قبل أن يكون من أبناء الجالية المصرية .
كانت مدة الدراسة في الكلية أربع سنوات ، وكانت مقسمة إلي ثلاثة أقسام مستقلة ، المعلمين ، المهندسين ، والقضاء ، وكانت رغبتي أن أدخل قسم المهندسين ، لكنهم رفضوا وأصروا علي ان ادخل قسم المعلمين ، وأقمت في القسم الداخلي .
وأيام الدراسة في كلية غوردون لم تكن هادئة ، ولا هانئة
أبداً !
كنت طالباً في السنة الثانية بالكلية عام 1914 وجاء المستر ن. ر سمبسون ، مدرس اللغة الإنجليزية ، ليملي علينا قطعة إملاء ، جاء فيها أن مصر يحكمها البريطانيون !
فلم يعجبني ذلك ، وتوقفت عن الكتابة ، ونهضت واقفاً ، وقلت له : لا يا سيدي ، مصر تحتلها بريطانيا فقط ، ولكنها مستقلة وتابعة لتركيا !
فثار المدرس الإنجليزي وغضب وأصرّ علي أن اذهب أمامه إلي مكتبه وأمر بجلدي عشر جلدات علي ظهري ، واستسلمت للعقوبة المؤلمة دون أن أتحرك أو أفتح فمي !
كان الجلد في كلية غوردون هو العقاب الذي نناله بمناسبة وبدون مناسبة علي يد الإنجليز ، ولكن الإهانة التي كنا نذوقها علي أيديهم أشد من قسوة الكرباج علي ظهورنا !
ــــــــــــــــــــــــــــ نكتفي بهذا القدر ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
&& الحلقة الرابعة قريبا إن شاء الله .
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق