الأحد، 1 يوليو 2018


خير الكلام ماقل ودل 
ـــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي-العراق - 28-6-2018
مقولة خير الكلام ما قل و دل تعتبر من أشهر الجمل العربية و الشعبية ، و التي نسمعها كثيرا في مجتمعنا العربي ، حيث أنها دليل على القلة الكلام و البعد عن الكلام الغير مفيد ، و ذلك حتى لا نتدخل في ما لا يعنينا ، و هذه المقولة قد نتجت عن الكثير من المواقف التي يتعرض لها الأفراد ، حيث أنه نجد بعض الأشخاص يتحدثون بكلام كثير لا معنى له و لا جدوى فيه ، و هذا الموقف يتكرر عادة في النصائح الموجهة من كبار السن إلى الأصغر منهم ، و دوما ما يقول الآباء لأبنائهم مقولة ” خير الكلام ما قل و دل ” لأنها دليل على أصول الخطابة و الحديث ، و الرزانة في التعامل .كما أن هذه المقولة أيضا تتردد كثيرا في المجالس الكبيرة ، و الاجتماعات العائلية ، و لكن غالبا لا أحد يعمل به ، حيث أنه يوجد ذلك الشخص الذي يتحدث كثيرا مع الجالسين و هو لا يعرفهم شخصيا ، و يبدأ في السؤال كثيرا بأساليب خاظئة ، حيث يتدخل في الشئون الشخصية و خصوصيات الجميع ، و يتعدى حدود المتواجدين بأسلوبه الخاطئ في الكلام ، و التطفل و كثرة الكلام 
معنى هذه الحكمة أن على كل من يتحدث أن يعرف معنى حديثه ، و يعرف المقصود تحديدا بهذا الكلام مع معرفة حدود هذا الشخص ، و ذلك حتى لا يزعج الآخرين ، حيث أنه يجب أن يكون الكلام محدد و في النقطة المعينة التي يريد أن يوصلها ، أما إذا أراد أن يتكلم دون معنى أو سبب فإنه يفضل أن يصمت ، دون التدخل و التطفل على حياة الأفراد ، و دون العمل على إغضاب الآخرين منه بسبب هذا الفعل 
خير الكلام ما قل ودل وهو يستمد معناه الصحيح من قوله تعالى: "وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض"، سورة فصلت الآية 51 . ولن أطيل عليكم كثيراً لأنني أعطي اليوم المعني المختزل والبسيط ذو معنى ودلالة صريحة وكبيرة، وهذه المقولة تساوي المثل الشعبي إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب. لقد أطلق هذا المثل والحكمة المذكورين بناءاً على العديد من المواضع التي يطيل فيها الناس من حديثهم دون جدوى وفائدة، وأيضاً استخدم في إعطاء النصائح للأبناء وتعليمهم أصول الخطابة والرزانة. وفي وقتنا الحاضر أصبحت كحكم تقال عند المجالس والاجتماعات ولكن قلما يعمل بها، فنجد الشخص لا يعرف صاحبه جيداً ويتحدث معه بكثرة و يسأله أكثر وهذا أسلوب خاطئ فللجميع خصوصيات وللاخرين حدود. ولكن لو قمنا بتسليط الضوء على مجتمعنا العربي الحديث، لوجدنا أنه موجود ولكن يمنع ظهوره العديد من الأسباب نذكر منها: انتشار التكنولوجيا الحديثة في العصر الحالي، ففي وقتنا الأشخاص يتعرفون ويتسامرون على مواقع التواصل الإجتماعي، وعلى البريد الالكتروني، وعلى مواقع الدردشة التي لم تكن ظاهرة في ذلك العصر؛ فنحن الآن لا نسأل ولا نبالي عن الأشخاص الذين يجلسون وينتظرون التقاء الأصحاب والجيران في حديقة المنزل، بل أصبح لدينا نوع من التفكك الكبير في المجتمع وهذ ليس بسبب التكنولوجيا ولكن بسبب توظيف التكنولوجيا بشكل خاطئ. ونعود لحكمتنا أنه لو أراد شخص أن يتحدث فليعرف معنى حديثه ومقصده وحدوده حتى لا يزعج ولا ينزعج، وأتذكر مشهد قصير حصل مع جدتي تقوله من خبرتها في الحياة، وتوصي إحدى حفيداتها فقتقول: "إن أردتي التحدث فلتزني كلامك بميزان، إن كان ثقيلاً ذو قيمة فلتتحدثي به وإن كان ركيكاً لا معنى له فاتركيه فإنه لا فائدة منه"، وهكذا هي المقولة يجب أن نقول الكلام الدال على معناه من دون قصر أو إطالة بل نعطيه حقه، حتى لا يكون طويل فيمل ولا يكون قصير فيجهل ولا يفهم معناه.
كلامك كدوائك إن قللت منه شفيت، وإن أكثرت منه قتلت، جمل كثيرة يتحدثون بها أمامك قد تمل منها، ولا تأتي بأي فائدة منها، وبالعكس، قد تكون جملة بكلمات قليلة تستفيد منها طوال حياتك، وتأتي ثمارها وفائدتها، لم نجعل كلامنا موزونا، فالكلام لم ولن يكون بكثرته، فكلام قليل موزونا بذهبا ستشعر بقيمته، وجمل كثيرة غير موزونة لن تنفع أبدا . من تلك الكلمات التي تشعر برقتها، وتدخل عقلك وفكرك وقلبك وتمتصها، فهي اختصار جميل لكلمات بأسلوب يتشربه النفس كما يتشرب الشجر الماء، فيصبح من يسمعها يريد المزيد من التفصيل ؛ بسبب متعة الكلمات التي قيلت، وقد لا يستطيع الشخص إيصال المعلومة للآخرين ؛ بسبب عدم نضوج أفكاره وقدراته الذهنية، فالبشر مختلفون من حيث البيئة، والمستوى التعليمي، والقدرة على الاستيعاب . فعلينا أن نعامل الناس بعقولهم وليست بعقولنا ؛ كي نصل للفائدة، وتوصيل المعلومة بسلاسة وسهولة، ونتجنب الفهم الخاطئ، فعلينا إيصال المعلومة أولا بكلمات بسيطة قد يستغني السامع بها، أو يقرر إن كان يريد المزيد من التفصيل بعدها، وقد يستخدم الكثيرون تلك المقولة (خير الكلام ما قل ودل)، وقد لا يستخدمونها ليس لأنهم غير مقتنعين بها، بل لأنها من وجهة نظرهم توصلهم لحل ونتيجة أفضل . فقد يدخل الإنسان النار بسبب كلمة ليست بموضعها، وقد يدخل بكلمة إلى الجنة، وقال تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وهذا دليل القرآن والسنة في تثبيت الكلام السليم والصحيح الواجب اتباعه، فأوصيكم به وبتطبيق آيات الله تعالى و تمجيدها لتصل للجميع وتعم الفائدة .. وفي النهاية وولا اريد ان أطيل عليكم، أنصحكم بوزن الكلام لأنه يعبر عن رزانة العقل ورجاحته؛ وعليكم أحبابي توظيف الكلام الطيب في الجمل المنتقاه فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة، الحديث متفق عليه
ومن الأقوال التي تطبق عليها خير الكلام ما قل ودل (صديق لك هو صندوق لأسرار لك)، جملة بستة كلمات تغنيك عن جمل كثيرة، توضح معني الصداقة، فلا يكون هناك داع لتقول: صديقي هو الشخص الذي أتوجه إليه عندما اشعر بالغضب والتعب والفرح والسرور، عندما أريد أن أتكلم مع أحد، وعندما أشعر بالضيق هو أول من يسمعني، فقد اختصرت بكم من كلمة وضحت معناها دون أن يمل منها . ومن الجمل الأخرى: (إن أعطيته عينك طمع في أذنك وأنفك)، و (من يتسرع أولا من سيندم أولا)، و (التفاؤل شباكا للحياة والتشاؤم شباكا للهلاك)، و (لن يصنع أحد لك ابتسامتك قبل أن تصنعها لنفسك)، و (حياتك ملكك أنت وليست ملك الناس ليتحكمون بها)، و (انظر لنفسك بمرآتك قبل أن ينظرون الناس لها)، و (لا توجه عينك على الناس دائما فإن سقطت عيونهم عليك فلن تحميك)، و (ازرع حياتك وانتظر ثمارها)، و (صمتك حجر بناء فهمك، ومن لا يفهمك بصمتك لا يستحق كلامك، والعيون تتحدث بلغة أخرى)، (زن لسانك قبل أن يجرح أحبابك)، و (لا تتكلم بظهور الناس فهناك رب كفيل بهم)، و (أعطني تجاربك أعطيك حكمتي)، و (الدنيا فانية والآخرة باقية)، و (أفكارك هي مستقبلك، إن حسنت حسن مستقبلك، وإن ساءت خسرت مستقبلك) . تلك المقولات جميعها عندما تقرأها تشعر بسلاسة الفهم، وقد لا تحتاج لتفسير بعضها، وقد حلت بالفعل مكان العديد من المقالات والجمل الكبيرة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

D-Mohmmed Jabbrya بقلم د. محمد جابريه 💗 سأجمع حقيبتي 💗 فاتنة انت   وكل ما فيك يثيرني حتى عندما تغضبين وح...